الثلاثاء، 5 يوليو 2011

د / مصطفى الغنيمي يوثق شهادته على قمع (جهازأمن الدولة) على مدار 30 سنة



كتب / وائل الحديني :

قامت الثورة على (غير موعد) ، وأطاحت بنظام قمعي مارس القهر على مدار عقود (على غير توقع ) .

سقط رموز النظام وتهاوت أصنامه ، ما عدا صنم واحد !!

فحراس المعبد وكهنة النظام وسحرته ويده الباطشة (مرتزقة جهاز أمن الدولة المنحل ) مازالوا كما هم ، لم يقترب منهم أحد ، ربما ما يملكونه من (كنوز الوثائق ) يوفر لهم الحماية ، ويضمن لهم المنعة .

الشهادة التالية ـ التي تنشر على عدة حلقات ـ لـ ( د / مصطفى الغنيمي ) أمين عام نقابة أطباء الغربية ، وعضو مكتب الإرشاد ، تمثل نوعاً من المطاردة والكشف والفضح لجرائم هذا (الورم السرطاني) ، الذي إن كانت له حسنة ( واحدة ) فهي تعظيم شعور الغضب والفورة والرفض ( لدى الشعب ) وتعجيل الإنفجار.

ربما كتبت الأقدار للغنيمي أن يصطدم بقسوة بزبانية هذا الجهاز فى فترة متقدمة من حياته ، كما كتبت له أن يكون واحداً من آخر مجموعة اختطفها الجهاز ( كرهينة لوأد الثورة ) ، قبل أن تزحف الجماهير الهادرة لتحرره وإخوانه من حيث لا يعلم .

خرج ليفاجئ أن النظام سقط ، والزبانية يتوارون من الناس خوفاً وهلعاً ، قبل أن تدك فى وقت لاحق مقراتهم وتهدم ثكناتهم التي اغتيلت فيها الحياه ، ووأدت الإنسانية .

الشهادة ـ على بشاعتها ـ ربما تأتي كعنوان لكتاب تاريخ ( أسود) يتحمل الكثير من الرواية و التوثيق و الرصد .

الشهادة موجهة على ما اعتقد لجماهير الشعب ليعرفوا حقيقة ما خفي عنهم من أسرار ، وليدركوا حجم الإنجاز الذي حققته الثورة ، ومقدمة للأجيال ليعلموا أن هناك تضحيات قدمت فى دروب المواجة بين الحق والباطل ، وأن هناك سنن للتدافع والصمود والسقوط ، ومقدمة أيضاً لأصحاب الضمائر على تنوعاتها تذكرة وعبرة وعظة .

مقدمة د / مصطفى الغنيمي

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم سيد المجاهدين ، و نسأل الله عز وجل أن يرزقنا الصدق و الإخلاص و التوفيق في كل أقولنا وأفعالنا كما نسأله سبحانه أن يرزقنا حسن الخاتمة .

و بعد:
أيها الأخوة الأحبة لقد ترددت كثيراً في أن أقدم على كتابة هذه السطور، وكان هذا التردد نابعاً من تربيتنا نحن الإخوان فلقد احتسبنا كل ما حدث لنا أو أرتكب ضدنا في سبيل الله .
نعم لقد "عرفنا فلزمنا" عرفنا أن طريق الدعوة إلى الله ليس طريقا مفروشا بالورود ، ولكنه طريق تكثر فيه المحن والعقبات والابتلاءات كما يقول ابن القيم رحمه الله ( من نذر نفسه ليحيا لدينه فسيعيش متعبا ولكنه سيحيى عظيما ويموت عظيما لأن الحياة في سبيل الله أصعب من الموت في سبيل الله ) .
فلقد نذر الإخوان المسلمون أنفسهم لخدمة دعوة الله منذ أن وقف الإمام الشهيد نموذجاً فريداً على درب المجاهدين للأمة الإسلامية ، فقام مؤسساً ومعلماً ومرشداً لهذه الجماعة المباركة إلى أن ارتقى إلى الله العلى القدير شهيدا برصاصات الغدر والخيانة ظنا منهم أنهم سيخمدون هذه الدعوة ولكن هيهات فلقد تلقف الراية وراءه رجال من رجالات هذه الدعوة , ساروا على الدرب وبذلوا من أنفسهم وأموالهم ودماءهم الطاهرة في سبيل رفعة هذا البلد الحبيب وفداء لعزة وكرامة شعوبهم كما قال الإمام المعلم (نحب أن يعلم قومنا وكل الناس قومنا أنهم أحب إلينا من أنفسنا وأنه حبيب إلى هذه النفوس أن تذهب فداءاً لعزتهم وكرامتهم إن كان فيها الفداء ..) ، فنحن قد ارتضينا لأنفسنا أن نسلك هذا الطريق الذي نعلم يقينا أنه أصعب الطرق ولكنه أسرعها إلى رضا الله عز وجل فهو سبحانه غايتنا ومقصدنا.
أقول أنني وبعدما استخرت الله عز وجل و استشرت إخواني رأيت أنها شهادة حق وإنه لإثم عظيم أن أكتمها (ومن يكتمها فإنه آثم قلبه) .
ولقد رأيت إنه إحقاقاً للحق وتبينا للناس وتوضيحا لما ارتكبه هذا الجهاز الصهيوأمريكي (أمن الدولة) من جرائم لا أقول ضدنا نحن الأخوان فحسب ، ولكن ضد كل من كان يعمل لخدمة هذا الدين ولدعوة الله ، بل وضد كل وطني مخلص يسعى لرفعة شأن بلده. ولنكشف أمام الناس كل ما قام به هذا النظام على مدار ثلاثون عاما لهدم الإنسان المصري ووطننا الحبيب ، وسعيا منا لنيل حرية وعزة الإنسان والوطن .
و بعد أن رأينا أقدار الله عز و جل تتدخل لتختصر الزمن و تدير دفة الأحداث لتتحقق مشيئة الله عز وجل ­­­ المطلقة و هو يعزّ من يشاء و يذلُّ من يشاء و يهب الملك لمن يشاء و ينزعه ممن يشاء، ورأيت أيضا أنه إحقاقا للحق و فضحا لممارسات الظالمين و ملاحقة لهم حتى لا يفلت أحدهم بجريمته راجعت نفسي و استخرت الله عز و جل واستشرت إخواني أن أسوق هذه الشهادات إلى من يهمه الأمر عسى أن يستفيد منها كل صاحب حاجة و أن تكون محفزة لغيري ممن لاقوا مثل ما لاقينا و هم كثر.
و قبل أن أخوض في سرد هذه الوقائع التي هي وصمة عار على جبين الطغاة و الظالمين المستبدين من جهاز أمن الطغاة ( أمن الدولة سابقا) و غيره من الأجهزة الخادمة والتابعة لهذا الجهاز اللعين ، أحب أن أؤكد أن هناك الآلاف بل عشرات الآلاف من أبناء هذا الشعب المخلصين الذين تعرضوا لمثل ما تعرضنا له بل أكثر مما تعرضنا له بكثير ممن عايشتهم في السجون والمعتقلات من الإخوان و غير الإخوان منهم من قضى نحبه من المرض والجوع داخل السجون و منهم من مات تحت تعذيب السياط و سالت دماؤهم أنهارا وتمزقت أجسامهم أشلاءً و نحسبهم إن شاء الله شهداء عند ربهم يرزقون .
فى الصفحات التالية : نبذة مختصرة عن رحلتي مع جهاز حماية نظام مبارك (أمن الدولة ) على مدار ثلاثون عاما كاملة هي نموذج مصغر لما لاقاه الإخوان وغير الإخوان ، بل مصر كلها على يد هذا النظام المجرم .


ليست هناك تعليقات: