"قاهر الموساد.. بطل أكبر عملية تجسس.. ملك الجاسوسية.. هو أحمد محمد عبد الرحمن الهوان، والمعروف بـ"جمعة الشوان"، ولد في الأول من يوليو عام 1937م وتوفي بمستشفى وادي النيل عن عمر ناهز 74 عامًا بعد صراع طويل مع المرض.
عرفه الشارع المصري من خلال مسلسل "دموع في عيون وقحة" باسم "جمعة الشوان" من إنتاج التلفزيون المصري، ويوصف بأنه من أهم العملاء الذين شهدهم صراع المخابرات المصري الصهيوني، ولد وتربى ونشأ بمدينة السويس والتي اضطر إلى الهجرة منها هو وعائلته: أمه وأخوه وزوجته بعد نكسة يونيو 1967 بعد أن فقدت زوجته بصرها نتيجة للقصف الصهيوني على المدينة، وتدمير مصدر رزقه بالمدينة.
تركه النظام السابق فريسة للمرض والفقر، ينتظر عطف الآخرين عليه، في وقت كان يتم فيه تكريم الفنانين والموالين للرئيس المخلوع ولاعبي كرة القدم، والسماح بسفرهم للخارج للعلاج على نفقة الدولة، في الوقت الذي كان يلقى فيه المعاملة السيئة من نظام المخلوع؛ حيث كرَّمته الدولة على ما قدمه بنحو 70 جنيهًا، كمعاش!!.
لام الموساد؛ لأنه تركه دون تصفيته أو اغتياله بعد أن قام بخداعهم بحصوله لمصر على أغلى أجهزة تجسس ورفضه بيع وطنه بالأموال، قائلاً قبل وفاته: "كنت عايزهم يقتلوني ويريحوني بدل ما أنا قاعد استلف من الناس وأبيع شقتي عشان أسدد ديوني وأجيب علاج، يعني لو كنت لعيب كورة ولاَّ مطرب كان الكل جري عشان يعالجني لما اتعب!!".
بعد هزيمة عام 1967 المريرة وضرب مدينة السويس سافر إلى القاهرة وكانت له مستحقات مالية لدى رجل يوناني كان يعمل معه في الميناء، وعندما اشتدت ظروف الحياة بعد التهجير قرر السفر إلى اليونان؛ للحصول على مستحقاته المالية منه؛ حيث تلقفته أيادي تابعة لجهاز المخابرات الصهيونية، وعرضوا عليه العمل مديرًا لفرع شركتهم بالقاهرة والتي تعمل في الحديد والصلب مقابل مبلغ خيالي لم يحلم به، وقابله اللواء عبد السلام المحجوب، محافظ الإسكندرية الأسبق، محاولاً إقناعه بالعودة إلى القاهرة إلا أنه رفض، ثم عاد ووافق للعودة بعد فترة وذهب لزيارة اليوناني الذي قام بإعطائه عملاً على إحدى سفنه والذاهبة إلى بريستون بإنجلترا.
خطَّط الموساد لاستدراجه من خلال فتاة يهودية أقنعته بالعمل معها في شركة والدها وقابله أحد رجال الموساد "شمعون بيريز رئيس الكيان ورئيس وزرائها الأسبق"، والذي طلب منه أن يعود إلى مصر ويجمع بعض المعلومات عن السفن الموجودة بالقناة.
وعندما عاد الهوان إلى مصر قام بفتح محل بقالة لبيع المواد الغذائية وأخذ يجمع المعلومات التي طلبت منه، ولكن الشك في قلبه أخذ في التزايد فذهب إلى مقر المخابرات العامة المصرية، وهناك التقى بأحد الضباط، الذي حكى له ما حدث، وهنا قرر التعاون مع المخابرات المصرية لتلقين الموساد درسًا.
وبدأ تعاون الهوان مع الكيان ومعرفة ما يريدونه، وإخبارهم بما يريده المصريون للكيان أن يعلموه؛ مما جعله جاسوسًا مهمًّا بالنسبة لهم، وبعد حرب أكتوبر المجيدة زادت حاجتهم إلى الهوان وسرعة إرسال المعلومات؛ ولذلك قرروا إعطاءه أحدث أجهزة الإرسال في العالم، والذي كان أحدها بالفعل موجودًا بمصر، ولم تستطع المخابرات القبض على حامله؛ حيث جاءت الرحلة للعودة عندما قرر الهوان الذهاب إلى الكيان مرة أخرى للحصول على الجهاز، وهناك قاموا بعرضه على جهاز كشف الكذب، والذي تدرب عليه جيدًا؛ مما جعله ينجح في خداعهم جميعًا ليحصل على أصغر جهاز إرسال تم اختراعه في ذلك الوقت ليكون جاسوسًا دائمًا في مصر، وبمجرد وصوله إلى أرض مصر، وفي الميعاد المحدد للإرسال قام بإرسال رسالة موجهة من المخابرات المصرية إلى الموساد يشكرهم فيها على الحصول على جهاز الإرسال.
اعتزل عمل الجاسوسية في عام 1976 بعد إصابته في قدمه في حادث عابر بطريق السويس، ولم يعد يقوى على التحرك ففضَّل الاعتزال وقد وافقت السلطات وقتها على طلبه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق