الاثنين، 24 سبتمبر 2012

لا صوت يعلو على عبد الناصر!



بقلم: وائل الحديني

يرى الأكاديميون أن الرقابة واشتداد ضغط الاحتلال على الصحف الوطنية؛ قد حال دون تسجيل وقائع ثورة 1919 وأحداثها!! فهل كانت الصحافة فيما بعد ثورة 23 يوليو أفضلَ حالاً لتستطيع تسجيل وتوثيق وقائع تلك الفترة؟!

مجموعة الضباط الأحرار التي كانت تُمثل القيادة الفكرية والسياسية للثورة لم تطرح تصورًا سياسيًّا أو فلسفةً اجتماعيةً محددةً، وإنما بدءوا بالممارسة المباشرة، ملتزمين بمبدأ التجربة والخطأ، وهذا التصور تحديدًا ترتبت عليه مجموعة من الأمور:

في 25 يوليو 52 صدر القرار العسكري رقم (1) عقب إلقاء القبض على "مصطفى أمين"؛ بزعم محاولة نشر أنباء تشوِّه قومية ونزاهة الحركة العسكرية.

وتقرر فرضُ رقابةٍ قبل النشر، وضرورة الحصول على أمر كتابي من الرقيب الحربي بإجازة النشر، والتهديد بمصادرة الصحيفة وتعطيلها نهائيًّا في حال مخالفة تلك المعلومات.

في 16 يناير 53 تم حل الأحزاب السياسية ومصادرة أموالها، وترتب على ذلك توقف صدور صحف (الوفد) و(المصري) و(صوت الأمة) و(الطليعة).

في 18 يناير 53 صدر قرار الحاكم العسكري بتعطيل 8 صحف؛ منها: الصباح والنذير والكاتب والملايين والواجب وصوت الطالب؛ بسبب كتابتها النقدية كما جاء في القرار العسكري، وبسبب تصاعد النقد بعد إعدام العاملين خميس، والبقري.

15 أبريل 54 قرر مجلس قيادة الثورة حلَّ نقابة الصحفيين الذي كان يرأسه حسين أبو الفتح.

28 أبريل 54 قُدم محمود أبو الفتح وحسين أبو الفتح صاحبا جريدة (المصري) إلى محكمة الثورة "فقضت بسجن الأول عشر سنوات، ومصادرة أملاكه، وبمعاقبة الثاني بالحبس 15 سنة مع وقف التنفيذ، وتعطيل صدور الجريدة، وهاجر أحمد أبو الفتح إلى خارج مصر .

تم اعتقال أبو الخير نجيب صاحب جريدة الجمهور المصري، وحُكم عليه بالأشغال الشاقة 15 عامًا وجُرِّد من شرف المواطنة.

تم اعتقال إحسان عبد القدوس لثلاثة أشهر بالسجن الحربي.

في 26 مايو 54 تم تعطيل صدور 42 صحيفة.

عبد الناصر كان يولي اهتمامًا خاصًّا بالصحافة؛ تمثل في إشرافه المباشر على تعيين رؤساء التحرير والمسئولين عن إدارة المؤسسات الصحفية، وشهدت تلك المرحلة ازدياد العنصر العسكري بين القيادات الصحفية، وارتهن تعيينهم واستمرارهم أو عزلهم من وظائفهم بمدى الالتزام بالتوجهات العامة للقيادة الناصرية.

قانون تنظيم الصحافة الذي صدر في مايو 1960 نص على: "تبعية الصحف للاتحاد القومي، سواءٌ من ناحية الملكية أو تراخيص الصدور واشتراط عضوية الصحفيين للاتحاد القومي".

طوال فترة الستينات كانت معظم الكتابات لا تخرج عن صيغة التبرير، أو التأييد أو المشاركة في الحملات التي كان يحرص عليها النظام من أجل تعبئة الرأي العام وإقناعه بسياساته.

خلال الأعوام من 64 إلى 66 تم نقل عدد من الصحفيين من عملهم في المؤسسات الصحفية إلى مؤسسات القطاع العام.

للمزيد يُرجع إلى كتاب (موضوع خاص في الصحافة) المقرر على طلاب الإعلام؛ تأليف أ.د/ عواطف عبد الرحمن وأ.د/ نجوى كامل.

في المقابل:

عملت الثورة على تدعيم الصحف المؤيدة لها؛ مثل (الجمهورية) و(الثورة) و(التحرير)، وتلك الصحف كان لها دور بارز في أزمة مارس 54؛ حيث شجعت اتحاد عمال النقل على تسيير تظاهرات تطالب برفض الديمقراطية، ورفض عودة الجيش إلى ثكناته، وتم الاعتداء فيها على السنهوري باشا بشكل همجي ووحشي، وثبَّتت حكم جمال عبد الناصر على حساب محمد نجيب.

يحكي د. أحمد المجدوب "أن أحد الأئمة كبار السن قد تعرَّض لبعض تصرفات رجال الثورة فوق المنبر، فتم اعتقاله والاعتداء عليه جنسيًّا، وعاد الرجل إلى بيته مكسور النفس؛ فاستدعى أبناؤه الوزير أحمد حسن الباقوري الذي عرف حقيقة ما جرى، وبعد جهد مضنٍ قَصَّ الوقعة على الزعيم، فما كان منه إلا أن ضحك بملء فيه، وعلق ساخرًا: "الأشقياء معقول عملوا كده؟" "أحسن.. كي لا يكررها مرةً أخرى!!".

منطوق أحكام القضاة اعتبر تلك الفترة حقبةً إجراميةً سوداء؛ ترتقي لمصافِّ محاكم التفتيش في أوروبا.. لماذا يتم إغفال هذه الحقائق عند البحث والاسترجاع؟!

قد يدعي د. رفعت السعيد أن ما يكتبه البعض من الوثائق التاريخية وشهادات المؤرخين وليس من بيوتهم! وقد ينقل سيناريست بعض ما يزعم أنه وقائع حقيقية عن تلك الفترة!!

لكن هل كانت تسمح القيود التي كانت مفروضةً على الآراء والكتابات في تلك الفترة بسلامة النقل؟ أم أنها مجرد حملات تشويه وتلوين وهوس لساني وقلمي ومهاترات قميئة من المتعصبين الناصريين والعجوز الموتور الذي لا يصدقه أحد!.

مسلسل "ناصر" هو تحريك لدُمى شمعية على مسرح متهالك بذكريات النكبة والنكسة والقتل والصلب والتقطيع والفرم واليتم والظلم.. دُمى لأرواح شريرة مجسمة، وعبارات مصبوبة بافتعالية تفتقد نبض الحياة.

هؤلاء البشر المزعومين اعتبرهم ناصر كلابًا جائعةً وأنه يمسك بتلابيبها، وهدَّد بإطلاقها على أعدائه!.

هؤلاء أيضًا هو نفسه قال عنهم: "لم يكن لديهم فكرة واضحة عما يجب أن يفعلوه عندما وجدوا أنفسهم فجأةً في مقاعد السلطة".

انتهكوا أجساد ألوف المعتقلين، وحفروا على من لم يحالفه الحظ بالموت أخاديد غطوها ببذاءات الحرية المزعومة، والكرامة المفقودة!.

يجب أن تُستخرج سِيَر رجال هذا العهد من مزبلة التاريخ لتُنقَّح وتوثَّق بشكل موضوعي ومهني.. هذا بعض ما يستحقونه!.

الجمعة، 7 سبتمبر 2012

مناصرة شعب المحلة لسوريا الثورة

تصوير . عادل الحداد