الأحد، 11 يناير 2009

نواب الإخوان والمستقلين يجمدون استجواباتهم تضامنًا مع غزة

نواب الإخوان

كتب- أحمد صالح:

عادت أحداث ومجازر الكيان الصهيوني في قطاع غزة لتفرض نفسها من جديد لليوم الثاني على التوالي على جلسة مجلس الشعب؛ حيث قام النائب علي لبن عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين برفع الحذاء على منبر الكلام في مجلس الشعب، ولأن الدكتور سرور لم يَرَه اكتفى بالتنبيه على أعضاء المجلس باللجوء إلى ما سمَّاه وسائل تعبير راقية للتعبير عن آرائهم، وصاح نواب الحزب الوطني مطالبين سرور باتخاذ إجراء ولكنه اكتفى بالتحذير.

كما قرر 9 نواب من الإخوان والمستقلين تحويل استجواباتهم التي كانت مقرَّرًا مناقشتها اليوم حول الفساد والتسيب في وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي إلى مناقشة متواصلة حول مجازر غزة، ودخلوا في مواجهة ومشادَّات كلامية مع الدكتور سرور، ووصلت حدة المواجهة الكلامية بين الدكتور سرور والنائب مصطفى بكري إلى إصابة الأخير بحالة إرهاق ونقله بسيارة إسعاف المجلس.

وكانت الجلسة قد بدأت متأخرة بعد شعور د. سرور بأن المُستجوِبين سوف يجمِّدون استجواباتهم، وكان أول المتحدثين من أصحاب الاستجوابات النائب المستقل جمال زهران، وطلب زهران من سرور تأجيل الاستجوابات، وعرض سرور الطلب على المجلس فتم رفضه واعتبره متنازلاً عنها.

الصورة غير متاحة

د. جمال زهران

إلا أن زهران أصر على مناقشة الاستجواب الذي حوَّله إلى هجومٍ شديدٍ على الكيان الصهيوني، مشيرًا إلى أنه ليس معقولاً أن يكون الأمن القومي المصري على حدود غزة مهددًا ثم نناقش موضوعًا داخليًّا رغم خطورة ما يحدث في مجال التعليم، وطالب زهران بتأجيل مناقشة الاستجواب لجلسة أخرى ومواصلة جلسة أمس السبت الماضي حول مناقشة الهجوم الصهيوني على غزة، وقال: "أسجِّل اعتراضي عما حدث في جلسة السبت، ووصف المعارضة بأنها تعمل لصالح الأعداء"، وقال: "إن المعارضة وطنية وشريكة لنظام الحكم في مصر".

وقال زهران: "إن المعارضة شريفة وتدفع ثمن معارضتها بدمائها وحياتها من أجل مصر وفلسطين والعروبة".

وأخيرًا طلب زهران تأجيل مناقشة الاستجواب احتجاجًا على ما صدر ضد المعارضة ولاستمرار العدوان الصهيوني، وهو ما ردَّ عليه سرور قائلاً: "أرفض اتهام المعارضة بعدم الوطنية"، فقال زهران: "إن التليفزيون المصري قال إن رئيس المجلس قال نريد معارضة وطنية ونحن نقول إن المعارضة في مجلس الشعب وطنية".

الصورة غير متاحة

د. أحمد أبو بركة

ثم بدأ المستجوب الثاني، وهو د. أحمد أبو بركة، استجوابه ببعض الآيات القرآنية حول القتال وإخراج المؤمنين من ديارهم، ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنصُرُهُ﴾ (الحج: من الآية 40)، وأنه إذا اعتدى أحد على شبر من الأمة فإنه يتعيَّن الجهاد على كل الأفراد، وها هي المقدسات تُدنَّس والأعراض تُنتَهك، ومن العبث أن نشغل المؤسسات الدستورية بقضايا ليست في الصدارة، رغم أن التعليم مهم، ورغم أن الحكومة أسقطت 12 نصًّا دستوريًّا سجَّلتُها عليها في أحكام قضايا نهائية.

وقال: "إن د. أحمد زويل اتهم التعليم المصري بالفساد، وهذا دليل على غياب إستراتيجية تعليم واضحة، وأبرز تجلياتها بطالة التعليم ونشأة التعليم الموازي"، موضحًا أن مجلس الشعب سبق له أن هاجم إستراتيجية التعليم، وكل هذا يكفي لإقالة الحكومة كلها.

وأضاف: "إنني أقول لشعب مصر: ما أنا إلا نائب؛ اهتم باهتماماتك، وأقف عند حسن ظنك بي، وها أنت يا شعب مصر تتألَّم لما تتعرَّض له كرامة أمتنا، وها هم أطفال فلسطين الرضَّع يُقتلون في مدرسة الأونروا"، وهنا قال سرور له: "هذا ليس موضوع الاستجواب، ومن يُرِدْ الوقوف على المنبر فليتكلم في الاستجواب"، ورد أبو بركة: "أنا قرَّرت تجميد استجوابي"، وردَّ سرور: "شكرًا جزيلاً.. مع السلامة"!!.

الصورة غير متاحة

علي لبن

ثم تقدَّم النائب الإخواني علي لبن لإلقاء استجوابه، فبدأ بتوحيد اتهامين إلى وزير التربية والتعليم: الاتهام الأول خاص بحالة التسيب التي طالت مرفق التعليم، والثاني عملية التغريب الجارية للتعليم المصري، ومنها حذف تاريخ مصطفى كامل، وهو ما يضعف الحس الوطني.

ثم تحدث لبن عما يحدث في غزة التي أراد لها الشعب أن تتحرَّر مثل سيناء، وكان واجبًا على مصر أن تعيد غزة إلى أهلها محررةً مثلما حرَّرت سيناء، وقال علي لبن: "أتوقَّف عن عرض باقي الموضوعات، وأركِّز على موضوع الجهاد بالدماء".

وفاجأ لبن الجميع برفع حذائه على منبر إلقاء الاستجوابات وسط صياح نواب الحزب الوطني، ولم يستطع سرور رؤية الحذاء، ولكنه قال: "وسائل التعبير مختلفة، ويجب أن نلجأ إلى وسائل التعبير الراقية".

الصورة غير متاحة

مصطفى بكري

ثم تقدَّم النائب مصطفى بكري لإلقاء استجواب، فقال: "إن التلاميذ الصغار والشيوخ يسقطون شهداء بفعل الآلة العسكرية الصهيونية، وعدد الذين استشهدوا يزيد عن 213 طفلاً"، فرد سرور قائلاً: "إنت جاي تتكلم في الاستجواب ولا في غزة؟!"، ورد بكري: "ليس من حقك معارضتي"، فقال سرور: "من حقي أن أشرح"، فرد بكري: "من حقنا أن نفضفض، وهو اللي بيحصل في غزة قليل وشعبنا بيموت واحنا ساكتين؟!"، وقال سرور: "كلامك كلنا نشكرك عليه، ولكن اليوم مخصص لاستجوابات محددة، وأنا الذي أقود المجلس بكل تقاليده وقيمه، وأنت تخليت عن واجبك كنائب".

ثم قام بكري بمغادرة المنصة وسط تصفيق من نواب الإخوان والمعارضة ليتقدَّم نائب الإخوان د. إبراهيم الجعفري، والذي قال إن استجوابه ضد وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي، وأضاف أنه يوجه 16 اتهامًا للوزارتين؛ على رأسها التخريب في مناهج التعليم وفي كتب التعليم.

الصورة غير متاحة

د. إبراهيم الجعفري

وقال الجعفري: "كيف أتكلَّم عن تلاميذ مصر وتلاميذ غزة يُقتلون؟! وكيف أتحدث عن معلِّمي مصر ومعلمو غزة يقتلون؟! وكيف أتحدث عن مدارس مصر ومدارس غزة تهدم؟!"، وقدم النائب اعتذاره عن استكمال الاستجواب، وهو ما رد عليه سرور قائلاً: "أحيِّي النائب الجعفري لأسلوبه الراقي في الاعتذار عن استكمال استجوابه".

ثم تقدَّم النائب محمد العمدة لإلقاء استجوابه فقال: "إننا نتعلَّم من أستاذنا الدكتور سرور، ولكن إذا كان يتحدث باسم الحزب الوطني فليضيِّق علينا كما شاء"، وطالب العمدة بتأجيل استجوابه والاستمرار في مناقشة موضوع غزة؛ "لنرى ما هي سياسة النظام المصري تُجاه ما يحدث في غزة، ولنرى ما إذا كانت مواقف هذا النظام لصالح مصر أم لا، وأذكِّر بأن المعارضة لم تفعل مثلما فعلت بعض الحكومات العربية من استقبال جورج بوش استقبال الفاتحين".

ثم تقدَّم النائب الإخواني بهاء الدين سيد عطية لإلقاء استجوابه، وقال: "أوجِّه التحية باسم الإسلام"، ثم أضاف: "لقد تقدَّمت بالاستجواب ومعي كافة البراهين والمستندات التي تكشف الفشل الذريع لوزارتَي التعليم والتعليم العالي بما يُعتبر تهديدًا للأمن القومي المصري، ولكن نظرًا لما يتعرَّض له الأمن القومي للبلاد بسبب العدوان الصهيوني على غزة الحبيبة، الضارب بعرض الحائط بالقرارات الدولية، فكان لزامًا علينا التحدث اليوم عن هذه القضية والوقوف بجوار المقاومة وإنهاء الحصار على غزة وقطع العلاقات مع هذه العدو وطرد سفيره"، وقاطعه سرور: "لو ما عندكش حاجة في الاستجواب فأعطي الكلمة للي بعدك"، وطلب سرور من بهاء الدين العودة إلى مقعده، وقال له: "قول اللي عايز تقوله من مقعدك في القاعة، وليس من على المنبر".

الصورة غير متاحة

عزب مصطفى

ثم تقدَّم النائب الإخواني عزب مصطفى ليُلقيَ استجوابه، وبدأ بتلاوة الآيات القرآنية ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ (آل عمران: من الآية 169)، وقال: "إن العدوان الصهيوني يؤثر في الأمن القومي المصري، والواجب يُحتِّم علينا التحرك نحو قضية فلسطين؛ لأنها قضية شعب مصر الأولى بشهادة د. مصطفى الفقي، وطبقًا للاستبيان الذي وُزِّع على شعب المصري عن أهم قضية تهمه، جاءت قضية فلسطين في المقدمة"، وأضاف عزب: "إن الآلة الصهيونية تهدم بيوت غزة؛ ولذلك أطلب من المجلس والحكومة وكل فرد أن يقوم بمسئولياته؛ ولذلك أؤجِّل هذا الاستجواب، وواجبنا أن نتحرك نحو معبر رفح".

وفي استجوابه قال النائب الإخواني عباس عبد العزيز: "لقد كنت أودُّ أن أتحدَّث عن التعليم؛ لأن سياساته عشوائية؛ حيث تحوَّل الطلاب إلى ما يشبه فئران التجارب، ولكن إزاء ما يحدث من وَأْدٍ مُنظَّم للقضية الفلسطينية في زمنٍ أصبح الضحية جلاَّدًا والجلاد ضحيةً؛ ولذلك رأيت ألا أتحدَّث في موضوع الاستجواب"، ثم هتف: "الله أكبر فوق كيد المعتدي، والله أكبر ولله الحمد"، وهنا شكره الدكتور سرور.

وقال سرور: "سعدت بالاستجوابات التسعة، وكانت ستتيح للحكومة الرد على قضية مهمة، مثل التعليم، ولكن بقدر ما سعدت بقدر ما يؤسفني أن الاستجوابات لم تُعرَض للمناقشة، ونحن نندد بالعدوان، ولكن ليس إلى حد تعطيل المؤسسات الدستورية، وهذا ما تريده إسرائيل، واستمرارنا في مناقشة أمورنا الداخلية معناه قطع الطريق على إسرائيل، وأسفت لعدم عرض الاستجوابات، ولا يوجد أجل من التعليم في بلادنا".

وأعلن سرور عن استمرار مناقشة الموضوع من خلال الطلبات العامة والأسئلة المقدمة حول التعليم؛ وأغلبها مُقدَّم من نواب الحزب الوطني.

ليست هناك تعليقات: