الاثنين، 27 يونيو 2011

نجيب ساويرس وميكى ماوس



حازم سعيد : نافذة مصر

الملياردير المصري المسيحي نجيب ساويرس أتى هذا الأسبوع بفعل فاضح على قارعة الطريق أساء به إلى أغلبية شعب مصر المتدينة .
لو صدر هذا الفعل من مواطن بسيط لاستحق به العقوبة والتجريم والمحاكمة ، فما بالنا وهو يصدر عن هذا الرجل الذى يمتلك من منصات التوجيه ما يجعله أهلاً للمحاسبة والمحاكمة والتحقيق معه على هذا الجرم الفادح الذى تمثل فى سخريته من اللحية ومن النقاب بأن صور على صفحته بالتويتر رجلاً ملتحياً وامرأة منتقبة ، وكلاهما جعل له هيئة ميكى ماوس من أذن طويلة أو عين مميزة أو أنف وفم مثيران للسخرية .
فظاعة هذا الفعل تأتي حين تصدر من مسيحي ، خاصة وهى من مظاهر التدين المرتبطة بالدين الإسلامي ارتباطاً وثيقاً ، فاللحية على أرجح أقوال الجمهور واجبة ( فرض )، وعلى أقل درجاتها سنة مستحبة من هدى النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، والنقاب على أقوال أهل العلم بين واجب ( فرض ) وبين مستحب ، وعلى أقل درجاته مكرمة للمرأة من هدي الإسلام .
تتضاعف الجريمة حين تصدر من رجل بحجم نجيب ساويرس الذى يمتلك منصات توجيه كثيرة جداً هذه الأيام ! على رأسها شبكة اتصال هاتفية كاملة ، وقناة فضائية متخصصة فى نشر العلمانية والسخرية من الإسلاميين كالإخوان والسلفيين ، وجرائد يمولها من جيبه الخاص ، ثم أخيراً حزب سياسى ، هذا كله بخلاف الاستثمارات التجارية والاقتصادية بعشرات بل مئات المليارات ...
حين روجع ساويرس اتكأ على مبرر واهٍ حيث قرر أنه كان " بيهزر " .
ولنا مع ساويرس وفعله الفاضح ومبرره ورد فعل الإعلام العلماني والفضائي الخاص وقفات :
أولاً : ساويرس له موقفه المعلن والواضح من المادة الثانية من الدستور والتى تنص على أن دين الدولة الرسمي هو الإسلام والشريعة هى المصدر الرئيسي للتشريع ، وهو يصر ويعلن ويعمل على أن يتم حذفها ، لذلك فهو من أول الداعين لفكرة الدستور أولاً والانقلاب على نتيجة الاستفتاء الذى رسم خريطة تسليم السلطة المصرية بطريقة آمنة .
هذا يعني أن له موقفاً واضحاً رافضاً لحكم الشريعة الإسلامية التى تمثل دين الأغلبية الكاسحة بمصر والتى تمثل ثلاثة وتسعون فى المائة على أقل التقديرات ، وهو ما يعنى أن سخريته من اللحية والنقاب ليستا من قبيل المصادفة أو الهزار كما ادعى ، وإنما هى صادرة عن موقف أيديولجي ومبدئى واضح .
يؤكد هذا عمق الارتباط الوثيق بين ساويرس والكنيسة الأرثوذكسية المصرية التى ينتمى إليها ، وهى الكنيسة التى لم تشارك فى الثورة ولا بدقيقة ولا بثانية ولا بموقف .
ثانياً : ساويرس فى المقابل دعم وبشدة متظاهري الأقباط أمام ماسبيرو وأمدهم بمعونات غذائية ولوجستية شديدة طوال مدة التظاهر والاعتصام وخرج على العديد من الفضائيات ثائراً ضد اضطهاد الأقباط بكلمات تنم عن عمق المشاعر الدينية العميقة التى يتحلى بها ، وهو ما يدعم جدية السخرية من اللحية والنقاب ، وليس الهزار .
ثالثاً : الإعلام الذى يمتلكه ويموله ساويرس يهاجم على طول الخط كل ما يمت للإسلام والإسلاميين بصلة ، ومن يراجع الـ On tv أو المصري اليوم ، والأخيرة بالذات فى هجومها على الإخوان ، يؤكد أجندة ساويرس وأنه لا يهزر .
رابعاً : التصرف الذى فعله ساويرس هو تصرف بالقطع وبالضرورة يسئ للأغلبية ، ولو أن مسلماً فعل مثله ، وصور قسيساً أو راهباً أو راهبة بهذه الصورة لقامت الدنيا وما قعدت ، ولن نذهب بعيداً عن واقعة تعليق الشيخ يعقوب على نتيجة استفتاء التعديلات الدستورية والذى اشتهر بـ " غزوة الصناديق " ، وما النيران التى فتحت على الشيخ منا ببعيد .
خامساً : هنا لنا وقفة مع إعلام الفضائيات الخاصة العلماني غير المحايد ، والذى لم يكن موقفه منصفاً بحالٍ من الأحوال مع الشيخ يعقوب حين ضخموا تصريحاته بعد التعديلات ، وتجاهلوا عن عمد وبصورة فجة تصريحات القسيس الذى دعا فيها المسيحيين للخروج زرافات ووحداناً حتى لا يحكم الإخوان مصر وحتى لا تكون كارثة .
وها هم يعيدون الكرة بتجاهلهم التام وعن عمد لاستفزاز ساويرس لمشاعر الأغلبية الكاسحة المتدينة من الشعب المصري المسلم الذى يهان فى عقر داره وبصورة فجة ، ويصمت الإعلام صمت الحملان المطبق وكأن شيئاً لم يكن ، ليقدم لنا الإعلام الفضائي الخاص أسوأ نموذج للمهنية حين يبتعد مدعوها عنها بآلاف الكيلو مترات مسافة ، وآلاف السنوات زمناً .
أليست هذه بتلك .. الشيخ يعقوب كان بيهزر ، وساويرس الآن بيهزر ، فإما أن تعتذروا للشيخ يعقوب عن " التجريس " الذى فعلتموه به ، أو تجرسوا ساويرس مثله ، وواحدة بواحدة .
سادساً : هل يمكن أن نتخيل أن ساويرس يقدم على أن " يهزر " مع الكنيسة برسم قسيس أو راهبة على صورة ميكي ماوس ، أما وأنه لم يفعلها ، ولن يفعلها ، فإننا نتيقن حق اليقين أنه رجل يفعل ذلك على سبيل الاستهزاء والسخرية بمظاهر إسلامية عريقة ، وهو ما يستلزم وقفة جادة معه .
سابعاً : نعم وقفة جادة من قبل المجلس العسكري والنائب العام وكل من يهمه الأمر ، وقفة جادة حازمة مع أمثال ساويرس لإيقافه عند حده ، وإيقاف هذه الفتنة التى يشعل فتيلها بمثل هذا التصرف ، الذى لا أظنه عفوياً ولا ساذجاً ، ولا أتخيل أن مثل ساويرس بالبساطة ليأتى بهذا التصرف بهذه السذاجة ليقول أنه بيهزر ثم يمسح الصور ، وما أخشاه أن يكون أمر يدبر بليل لإثارة فتنة أو زوبعة ، ومثله يتوقع منه أن يخدم أجندته المعلنة فى تأجيل الانتخابات .
فعلى العقلاء الحكماء بالمجلس العسكري ومن يهمهم الأمر إيقاف هذا الرجل ومحاسبته ومحاكمته درءاً لفتنة هو صانعها ، وعلى العقلاء من أبناء هذا الوطن المخلصين له أصحاب الثورة الحقيقية التى يحاول أمثاله ركوبها أن يحذروا من تصرفات أمثاله ، وألا يأخذوا الأمور على ظاهرها وأن يحتاطوا لأمرهم فالحفاظ على الثورة ومكتسباتها ، ومن قبل ذلك ومن بعده الحفاظ على هذا الوطن وأمنه أمر يحتاج إلى يقظة .


ليست هناك تعليقات: