أبو الغادية، مجرد شخص سوري يُعتقد تبعًا للمزاعم الأمريكية أنه متورطٌ في تهريب أموالٍ، وأسلحةٍ، وأفرادٍ إلى العراق انطلاقًا من الأراضي السورية.
أبو الغادية اِستهدفتهُ غارة أمريكية فأردتهُ- تبعًا لما أكدته وكالات الأنباء- قتيلاً.
بالتأكيد لم يمت المُستهدف وحده، شاركه مدنيُون دموية اللحظة, فقذائفُ الغضب الأمريكية عمياء لا تفرق بين أطفال، ونساء، هوجاء تنقض على فريستها دون اعتبار لكمٍّ من أرواح، أو كيفٍ من تبرير.
يقتل بوش (سيد الجحوش) لمجرد القتل.
لم تكن الجريمة الأمريكية جديدة
"فلا توجد حدود آمنة بشكلٍ كامل" كما قال وليد المعلم.
* في عام 2002 استهدفت طائراتٌ أمريكية- بدون طيار- (قائد ثنّيان الحارثي) داخل الأراضي اليمنية وحولت رتل سيارات- كامل- بمن فيه من أطفال، ونساء إلى كومة ممزوجة من اللحم والدماء.
* على مدار العام الحالي والأعوام الماضية تنتهك الطائرات الأمريكية الحدود الباكستانية ليلاً لتضرب منطقة وزيرستان بالصواريخ، وفي الصباح تنقل الشاشات العملاقة للميديا صور الجثث وهي تُوسد في ملاءات بيضاء لتُطرح في أخاديد حفرت في الأرض الفضاء.
* كما تضرب "إسرائيل" في العمق السوري أحيانًا مرة مُستهدفة أفرادًا مثل: عز الدين الشيخ خليل، أو عماد مغنية، ومرة مُستهدفة معسكرات تابعة للجيش السوري، ضربات مُوجعة ربما يتجاهلها الإعلام السوري عمدًا، وتفضحها تسريبات "إسرائيلية" مقصودة.
* بنفس المنطق وقفت طائرات "إسرائيلية" أمام بناية عالية في نابلس عام 2002 لتضع صاروخًا في شباك إحدى الغرف لتمزق السيدين: جمال سليم، وجمال منصور، وعشرات الأبرياء جهارًا نهارًا.
* وبنفس الكيفية استُهدف الشهيد صلاح شحادة من ستة أعوامٍ بقنبلة تزن الطن في حي الدرج بغزة فقتل معه أكثر من أربعة عشر طفلاً وامرأةً.
* تتسارع الوتيرة ليلحق مئات المُستهدفين بركب القتل الانتقائي. لا نحتاجُ للتذكير بأسمائهم، فهي أرواحٌ تُسلب، ودماءٌ تُراق، وقبورٌ تُملأ وذكرياتٌ تبقى.
* وبين حين وآخر تخرج طلقات صهيونية عبر الحدود لتستقر في قلب رجل أمن مصري وأطفال، وبدو.
هذه الجرائم، وهذا القتل بدم بارد- ببشاعة غير مسبوقة- يطرح تساؤلات عن مدى التزام الديمقراطيات الحديثة بالأخلاقيات, والمبادئ التي أُقرت بالأقلام، ودِيست بالأقدام.
الحقيقة أنها نموذج فاضح لهمجيات، وليس حضارات.
ولكن هل يعفي هذا التبرير ديكتاتورياتنا من المشاركة في الجُرم؟.
* اليمن برر استهداف الحارثي بتعاون أمني.
* جنرال باكستان الحجري السابق المنتشي زهوًا وفخرًا لم تهتز له قبعة، أو يسقط نيشان، وهو يرى الطائرات تنتهك حرمة سمائه، الجنرال قتل المئات في المسجد الأحمر بدم باردٍ ووحشية.
* الديكتاتوريات البعثية في سوريا مُسرفة في استخدام القيود والأغلال، وفي هدر الدم، مؤمنةٌ بنظرية الحشد في القتل كما حدث في اضطرابات السجن منذ أسابيع, فالأسد الابن صنو الأب، والعم بطلي مجزرة حماة وتدمر.
* أبو مازن ورجاله متصهينو الفكر، لحديو الثوب، موساديو القتل والاستهداف والهالك سميح المدهون يشهد، وناصر شلايل يُدلل، ودحلان وأزلامه يؤكدون، وغراب الضفة رياض المالكي يُبرهن.
* انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، والتعذيب حتى الموت- حتى للأجنة في البطون- والحرق والسحل والانتهاك لا يخفى على أحد.
* وكذا الممارسات الإجرامية لأجهزة الأمن في تونس، والمغرب، والجزائر تضع علامات تعجب ودهشة!!
دمٌ بدم, وقتلٌ بقتل "ولينزعن الله المهابة من قلوب أعدائكم"
فهل تجرؤ أمريكا ومن وراءها على قتل أبو حمزة المصري، على سبيل المثال في لندن؟؟
وهل تستطيع مجرد التفكير في انتهاك حدود، أو الاعتداء على حُرمة سماء أوروبية، أو حتى صينية، أو هندية؟!!
أعتقد أن مصائبنا من عند أنفسنا، وهدرُ دمائنا مرتبط بكسر بنائنا الداخلي.
لقد انتهكت أجواؤنا حينما ذابت جثة المهدي بن بركة في الأسيد تبعًا لاعترافات البخاري!!
واستُبيحت دماؤنا عندما خلعنا الكرامة خلف الأبواب، ونحن ننطلق إلى الشارع لنُمارس حياة العبودية، والانكسار!!
ربما يصدُق أوباما في حال فوزه ويلتزم بالحد الأدنى من الأخلاقيات كما يزعُم..
لكن متى نخرج نحن من القصعة؟؟
أو بشكل أدق:
متى يشبع منا الأكلةٌ من بني أبينا؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق