الأحد، 22 فبراير 2009

يوم الطالب العالمي.. ما أشبه الليلة بالبارحة




تحقيق- إسلام توفيق:

ما حدث اليوم السبت الموافق 21 فبراير 2009م في جامعة القاهرة من حصار أمني مشدد، وتحوُّل الجامعة إلى ثكنة عسكرية، بعد غلق معظم أبوابها الرئيسية في وجه طلابها لتفويت الفرصة على تنظيم أي فعاليات في ذكرى يوم الطالب العالمي.. يعيد إلى الأذهان ما قامت به قوات الاحتلال البريطاني في نفس الفترة من العام 1946م بفتح كوبري عباس أثناء مرور أكبر مظاهرة طلابية في مصر؛ مما أدى إلى وقوع عدد كبير من الطلاب في النيل وغرق الكثير منهم.

ويعدُّ الحادي والعشرين من شهر فبراير من كل عام يومًا خالدًا لواحدة من أولى وأنجح الحركات الطلابية النضالية في العالم، وهي الحركة الطلابية المصرية التي لفتت أنظار العالم أجمع إلى نضال طلاب مصر ودورهم الفاعل في تحرير أوطانهم؛ حيث لم تنجح قوة استعمارية كبرى مثل بريطانيا العظمى آنذاك في إيقافه ليظل هذا اليوم مفخرةً لكل الطلاب الأحرار.

هذا اليوم الذي دعت إليه الحركة الطلابية، والتي كانت تضم الطلاب المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين وعددًا من الأحزاب المصرية وبعض المستقلين بأن يكون يومًا للجلاء، ودعت شعب مصر إلى إضراب شامل، وهي الدعوة التي استجابت لها مختلف فئات الشعب، فتعطَّلت المواصلات، وأُغلقت المدارس والجامعات، وامتنعت المحال التجارية عن البيع والشراء.

الصورة غير متاحة

طلاب مصر يحيون يوم الطالب العالمي

وكان طلاب الأزهر كعهد مصر بهم سبَّاقين إلى الكفاح، فتحركوا من الجامع الأزهر مخترقين ميدان الأوبرا حتى وصلوا إلى ميدان الإسماعيلية (التحرير حاليًّا)؛ حيث مقر ثكنات القوات البريطانية، وهو التحرك الذي واجهته القوات البريطانية المحتلة بفتح النار على المتظاهرين؛ ليصرَّ الطلاب على عقد مؤتمر شعبي اتُّخِذَت فيه قراراتٌ بمقاطعة المفاوضات وأساليب المساومة والتمسك بالجلاء عن وادي النيل وإلغاء معاهدة 1936م.

لم ينتهِ الأمر عند هذا، بل زحفت المظاهرة إلى ميدان قصر النيل؛ حيث الثكنات البريطانية، واتجه قسم منها إلى ساحة عابدين؛ فإذا ببعض السيارات العسكرية البريطانية المسلَّحة تخترق الميدان وسط الجماهير فجأةً لتدهم بعضهم تحت عجلاتها، وهو ما أثار ثائرة الطلاب ودفع جموع المواطنين للتلاحم معهم في صمود بطولي؛ كان نتيجته إحراق أحد المعسكرات البريطانية.

وانتقلت أنباء البطولات الطلابية المصرية في الوطن العربي كله لتعلن القوى الوطنية في السودان وسوريا ولبنان وشرق الأردن إضرابًا عامًّا تضامنًا مع طلاب مصر.

قد يختلف الوضع الآن عما كان في 1946م من حيث الظروف السياسية، ولكن النضال الطلابي يبقى متشابهًا لدرجة كبيرة، فقديمًا انتفض طلاب مصر ضد الظلم والاستبداد الواقع عليهم من المحتل، واليوم ينتفض طلاب مصر ضد الظلم والقهر والتعسف الأمني ضدهم، وفتح أبواب الجامعة للأجهزة الأمنية وسياسة البطش والتنكيل التي تبدأ من التحقيقات إلى الاعتقال.

بالإضافة إلى ذلك يعاني الطلاب الكثير من أشكال القهر المادي والمعنوي؛ مثل مصاريف الكتاب الجامعي الذي ارتفعت في الفترة الأخيرة، فضلاً عن ضعف وتدني مستوى التعليم؛ فأصبحت الجامعة لا تؤهل بطريقة صحيحة إلى سوق العمل وزادت البطالة؛ الأمر الذي ساهم في عدم وجود أية جامعة مصرية ضمن أفضل 500 جامعة على مستوى العالم، على الرغم من أن العدو الصهيوني له 6 جامعات!.

الصورة غير متاحة

الطلاب يرفضون اللائحة الطلابية (79)

كما يعانون من لائحة طلابية تقيِّد وتمنع أي نشاط سياسي حر داخل الحرم الجامعي وسيطرة كاملة على الطلاب فكريًّا وثقافيًّا واجتماعيًّا ورياضيًّا تحت مسمى واحد؛ هو اتحاد الطلبة التي تزوَّر نتائجه سنويًّا ويُشطَب كل صاحب اتجاه أو رأي يترشَّح له.

وبالرغم من كل هذا إلا أن الحركات الطلابية ما زالت يقِظةً وحيَّةً تدافع عن مصر ووطنها العربي والإسلامي، فطلابُ مصرَ هم الذين قدموا دماءَهم في سبيل حريةِ هذا الوطن، وإن كانت مصر هي نبض الأمة العربية فطلاب الجامعة هم نبض هذا البلد، وهم أول من يقدِّم نفسَه للدفاع عنه، والمطالبة بتحريره من الفساد والظلم، والمطالبة بالإصلاح والحرية، والاستمرار في المطالَبة برفع يد الأمن عن حرم الجامعة، والمطالبة بلائحةٍ طلابيةٍ تُعيد الحياةَ للنشاط الطلابي.

فدور الطلاب تجاه مصر لم ينتهِ بعد، فقضايا الظلم والاستبداد وإهدار كرامة المواطنين وتعذيبهم لا تقل أهميةً عن قضية طرد المحتل، فكلاهما يمارس الظلم ويقهر الإنسان، فضلاً عن أنه من غير المعقول أو المقبول أن يكون من المصريين من يمارسون هذا الظلم والتعسُّف ضد أبناء الوطن.

وكما كانت مطالب الحركة الطلابية الأولى في مصر عام 1946 في التخلص من المحتل الغاصب تتلخص مطالب النضال الطلابي الآن في التخلص من السطوة الأمنية وطرد الحرس الجامعي من داخل الحرم تبعًا للحكم التاريخي الذي أصدره القضاء الإداري على أن يتولى حفظ الأمن داخل الحرم الجامعي إدارةُ الجامعة، بالإضافة إلى إلغاء اللائحة الطلابية القائمة، ووضع لائحة تعطي الحرية للطلبة في ممارسة أنشطتهم دون قيود والترشح للاتحادات الرسمية دون تقييد.

كما ينادي الطلاب بتخفيض المصاريف الدراسية التي تقول عنها الحكومة إنها مجانية وتصل إلى أكثر من 500 جنيه لطلاب الانتساب وأكثر من 170 جنيهًا لطلبة الانتظام، بالإضافة إلى تخفيض مصاريف الكتاب الجامعي، فضلاً عن مناداتهم بنظام تعليمي متطور يواكب العصر ويؤهِّل خريجي الجامعة إلى سوق العمل.


تابع باقى التحقيق على موقع أخوان اون لاين

ليست هناك تعليقات: